سورة فاطر - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِن عِبَادِنَا} فيه وجهان
أحدهما: أن الكتاب هو القرآن، ومعنى الإرث انتقال الحكم إليهم.
الثاني: أن إرث الكتاب هو الإيمان بالكتب السالفة لأن حقيقة الإرث انتقال الشيء من قوم إلى قوم.

وفي {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبادِنَا} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم الأنبياء، حكاه ابن عيسى.
الثاني: أنهم بنو إسرائيل لقوله عز وجل: {إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحاً} [آل عمران: 33] الآية. قاله ابن بحر.
الثالث: أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قاله الكلبي.

{فَمِنْهُمْ ظَالِِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن قوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِِمٌ لِّنَفْسِهِ} كلام مبتدأ لا يرجع إلى المصطفين، وهذا قول من تأول المصطفين الأنبياء، فيكون من عداهم ثلاثة أصناف على ما بينهم.
الثاني: أنه راجع إلى تفصيل أحوال الذين اصطفينا، ومعنى الاصطفاء الاختيار وهذا قول من تأول المصطفين غير الأنبياء، فجعلهم ثلاثة أصناف.

فأما (الظالم لنفسه) ها هنا ففيه خمسة أوجه:
أحدها: أنهم أهل الصغائر من هذه الأمة، روى شهر بن حوشب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له.
الثاني: أنهم أهل الكبائر وأصحاب المشأمة، قاله السدي.
الثالث: أنهم المنافقون وهم مستثنون.
الرابع: أنهم أهل الكتاب، قاله الحسن.
الخامس: أنه الجاحد، قاله مجاهد.

وأما (المقتصد) ففيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنه المتوسط في الطاعات وهذا معنى حديث أبي الدرداء، روى ابراهيم عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية فقال: «أَمَّا السَّابِقُ فَيدْخُلُ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ، وَأَمَّا المُقْتَصِدُ فَيُحَاسَب حِسَاباً يَسِيراً، وَأمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فِيُحْصَرُ فِي طُولِ الحِبْسِ ثُمَّ يَتَجَاوَزُ اللَّهُ عَنهُ»
الثاني: أنهم أصحاب اليمين، قاله السدي.
الثالث: أنهم أصحاب الصغائر وهو قول متأخر.
الرابع: أنهم الذين اتبعوا سنن النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، قاله الحسن.

{وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} فيه أربعة أقاويل
أحدها: أنهم المقربون، قاله مجاهد.
الثاني: أنهم المستكثرون من طاعة الله تعالى، وهو مأثور.
الثالث: أنهم أهل المنزلة العليا في الطاعات، قاله علي بن عيسى.
الرابع: أنه من مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة.
روى عقبة بن صهبان قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية فقالت: كلهم من أهل الجنة، السابق من مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالحياة والرزق، والمقتصد من اتبع أثره حتى لحق به، والظالم لنفسه مثلي ومثلك ومن اتبعنا.


قوله عز وجل: {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} فيه تسعة تأويلات:
أحدها: أنه خوف النار، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه حزن الموت، قاله عطية.
الثالث: تعب الدنيا وهمومها، قاله قتادة.
الرابع: حزن المنّة، قاله سمُرة.
الخامس: حزن الظالم لما يشاهد من سوء حاله، قاله ابن زيد.
السادس: الجوع حكاه النقاش.
السابع: خوف السلطان، حكاه الكلبي.
الثامن: طلب المعاش، حكاه الفراء.
التاسع: حزن الطعام، وهو مأثور.
ويحتمل عاشراً: أنه حزن التباغض والتحاسد لأن أهل الجنة متواصلون لا يتباغضون ولا يتحاسدون.
وفي وقت قولهم لذلك قولان:
أحدهما: عند إعطاء كتبهم بأيمانهم لأنه أول بشارات السلامة، فيقولون عندها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}.
الثاني: بعد دخول الجنة، قاله الكلبي، وهو أشبه لاستقرار الجزاء والخلاص من أهوال القيامة فيقولون ذلك عند أمنهم شكراً.
قوله عز وجل: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمَقَامَةِ مِن فَضْلِهِ} أي دار الإقامة وهي الجنة.
وفي الفرق بين المقامة بالضم والفتح وجهان:
أحدهما: أنها بالضم دار الإقامة، وبالفتح موضع الإقامة.
الثاني: أنها بالضم المجلس الذي يجتمع فيه للحديث.
{لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} فيه وجهان
أحدهما: تعب، قاله ابن عيسى.
الثاني: وجع، قاله قتادة.

{وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه العناء، قاله أبو جعفر الطبري.
الثاني: أنه الإعياء، قاله قطرب وابن عيسى.


قوله عز وجل: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} قال ابن جريج: وهم يستغيثون فيها {رَبَّنَآ أخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} أي نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية.

{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه البلوغ، قاله الحسن لأنه أول زمان التذكر.
الثاني: ثماني عشرة سنة.
الثالث: أربعون سنة، قاله ابن عباس ومسروق.
الرابع: ستون سنة، قاله علي بن أبي طالب مرفوعاً.
الخامس: سبعون سنة لأنه آخر زمان التذكر، وما بعده هرم. روى أبو هريرة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إلَى عَبدٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتّىَ بلَغَ سِتِيّنَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً».

قوله عز وجل: {وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن زيد.
الثاني: الشيب، حكاه الفراء والطبري.
الثالث: الحمى.
الرابع: موت الأهل والأقارب.
ويحتمل خامساً: أنه كمال العقل.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6